من هم الشيعة البترية؟

الشيعة البترية هم فرقة صغيرة من فرق الزيدية، يُنسبون إلى رجل يُدعى "بُتر" أو "بَتر بن عبد الله الهمداني"، ويُعرفون باعتدالهم الشديد وميلهم إلى التوفيق بين التشيع والتسليم لخلافة أبي بكر وعمر. وقد أثار اسمهم جدلاً في التاريخ الشيعي، لأنهم يمثلون مذهبًا وسطًا بين الزيدية والإمامية.

أصل التسمية

تعود التسمية إلى "بتر بن عبد الله الهمداني"، وهو من أتباع زيد بن علي. وكان له رأي خاص في الصحابة، حيث جمع بين الولاء لأهل البيت وقبول خلافة الخلفاء الراشدين الأولين، فلقب هو ومن سار على رأيه بـ"البترية".

وقيل أيضًا إنهم سُمّوا "بترية" لأنهم "بتروا" الإمامة، أي لم يكملوها، فلم يلتزموا بالإمامة الممتدة كما يراها الشيعة الاثنا عشرية.

معتقدات الشيعة البترية

تشترك البترية في أغلب آرائها مع الزيدية، لكن هناك خصائص تميزها:

1. الموقف من الصحابة

يرى البترية أن أبا بكر وعمر وعثمان اجتهدوا وأصابوا أو أخطأوا، ولا يسبّونهم، بل يدعون لهم أحيانًا، وهذا يخالف موقف الشيعة الإمامية الذين يرفضون خلافة هؤلاء الثلاثة.

2. الإمامة

يؤمنون بإمامة علي بن أبي طالب، لكنهم لا يرون أن الخلافة قبله كانت باطلة، بل يعتبرونها جائزة. كما أنهم لا يشترطون العصمة ولا يرون أن الإمامة نص إلهي.

3. الفقه والعقيدة

فقههم قريب من الزيدية، ويتأثر بكلام المعتزلة في مسائل التوحيد والعدل، كقولهم بخلق الأفعال وحرية الإرادة ووجوب العدل الإلهي.

علاقتهم بالزيدية

يُعد البترية فرعًا داخل الزيدية، وتُوصف بأنها "الزيدية المعتدلة"، لكونها تجمع بين حب آل البيت وعدم الطعن في الصحابة. وقد تبنى هذا الرأي كثير من أتباع زيد بن علي.

نظرة الشيعة الإمامية إلى البترية

يرى بعض علماء الشيعة الإمامية أن البترية ضلّت لأنها لم تعتقد بنص الإمامة ولم تتبرأ من من يعتبرونهم "غاصبين للخلافة". وقد وردت روايات في بعض كتب الشيعة تذم "البترية" وتعتبرهم خارجين عن التشيع الحق.

البترية اليوم

لم يعد للبترية وجود مستقل في عصرنا، إذ ذاب كثير من أتباعها في الزيدية أو الإمامية أو في الاتجاهات المعتدلة من السنة. لكن اسمها لا يزال يُستخدم في الخطاب الديني، وأحيانًا يُطلق على الزيدية بشكل عام، خاصة من قبل الشيعة الإمامية الذين يرونهم "بترية" لعدم تبريهم من الصحابة.

خاتمة

الشيعة البترية مثال على التوجهات المعتدلة في الفكر الشيعي، حيث سعوا إلى الجمع بين الولاء لأهل البيت واحترام الصحابة. وعلى الرغم من اندثارهم كفرقة مستقلة، فإن تأثيرهم بقي واضحًا في بعض التيارات الزيدية وحتى في بعض الأصوات الشيعية المعاصرة الداعية للاعتدال.